أوروبا تعيد رسم أمنها بعيدًا عن واشنطن

شكرًا لكم على متابعة أوروبا تعيد رسم أمنها بعيدًا عن واشنطن وللمزيد من التفاصيل

أعلنت كل من فرنسا والمملكة المتحدة عن توقيع اتفاق شامل لتعزيز تعاونهما في مجال الردع النووي والتنسيق العسكري، في خطوة تعبّر عن قلق أوروبي متزايد من تقلب العلاقة مع الولايات المتحدة، خاصة في ظل سياسات الرئيس دونالد ترامب التي تتجه نحو الانكفاء القومي تحت شعار “أمريكا أولاً”.

الاتفاق، الذي يأتي في توقيت لافت يعكس تحولات عميقة في موازين القوى العالمية، وُقع خلال زيارة دولة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى بريطانيا، تضمن تنسيق الموارد النووية بين البلدين، مع تأكيد احتفاظ كل طرف بسيادته الكاملة على قرارات استخدام السلاح النووي. إلا أن الإعلان حمل رسالة واضحة مفادها أن “أي تهديد للمصالح الحيوية للندن أو باريس قد يُقابل برد نووي مشترك”، في تحذير صريح موجه إلى موسكو وسط استمرار الحرب في أوكرانيا.

ويعكس التقارب أيضًا النقاش الدائر داخل أوروبا بشأن ضرورة تحقيق “استقلال استراتيجي” عن الولايات المتحدة، في وقت تتراجع فيه المظلة الأمنية الأمريكية التقليدية، وتتعاظم التهديدات على الجبهة الشرقية للقارة. 

ويُعد التعاون النووي الفرنسي-البريطاني أول نواة لبناء قدرة ردعية أوروبية مستقلة، لا ترتبط كليًا بالناتو أو بالإرادة السياسية في واشنطن.

كما أعلنت باريس ولندن عن تسريع تطوير صواريخ “سكالب/ستورم شادو”، إلى جانب أنظمة ملاحة متقدمة لحماية البنى التحتية الحيوية من التهديدات الإلكترونية والتشويش، استنادًا إلى دروس مستخلصة من الصراع الأوكراني. 

وتم الاتفاق على تشكيل قوة عسكرية مشتركة تضم نحو 40 ألف جندي، ضمن مبادرة “تحالف الراغبين” الأوروبية لدعم أوكرانيا وضمان وقف إطلاق النار عند التوصل إليه.

وفي موازاة هذا التنسيق العسكري، ناقش الجانبان قضايا الهجرة غير النظامية، وسط انتقادات بريطانية لباريس بعدم كفاية الجهود في كبح تدفق المهاجرين عبر المانش، رغم تلقيها تمويلاً بريطانياً تجاوز 750 مليون يورو منذ عام 2018.

ويضع التحرك الفرنسي-البريطاني أوروبا أمام مرحلة جديدة من إعادة التموضع، عنوانها: الأمن القاري بيد الأوروبيين أنفسهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى